آخر الأخبار

الرئيسيةالاقتصاد العالميمفهوم الدورة الاقتصادية للدول: ما هي وما مراحلها وما مدة كل مرحلة

مفهوم الدورة الاقتصادية للدول: ما هي وما مراحلها وما مدة كل مرحلة

يطلق على الدورة الاقتصادية (Economic Cycle) عدة أسماء أخرى كدورة الأعمال، أو دورة الازدهار والانكماش، أو دورة النمو والكساد، وغيرها من الأسماء التي تصف الحالة الاقتصادية لبلد معين. فما هي الدورة الاقتصادية؟ دعونا نتناولها في هذه المقال، ونتعرف على مراحلها وعمرها بالتفصيل.

تعريف الدورة الاقتصادية

الدورة الاقتصادية هي ما يصيب النشاط التجاري للدولة من متغيرات دورية، تتراوح بين فترات ازدهار ونمو، وفترات انكماش وكساد. وترتبط هذه الفترات بمجموعة من العوامل الاقتصادية التي تحدد سمة المرحلة المقبلة. ومن هذه العوامل التي ترسم خطوط المرحلة المقبلة، الناتج المحلي الإجمالي، وأسعار الفائدة، ومستوى العمالة، وإنفاق المستهلك.

ويمكن أن تستمر الدورة الاقتصادية لفترات طويلة يختلف طولها بناءً على مجموعة العوامل السابقة. تكمن أهمية فهم الدورة الاقتصادية، في كونها تساعد المستثمرين والشركات على تحديد أولويات المرحلة القادمة، بمعنى أنها تحدد لهم متى يقومون باستثماراتهم، ومتى يسحبون أموالهم، لما لها من تأثيرٍ مباشرٍ على الأسهم والسندات فضلًا عن الأرباح وأرباح الشركات.

مراحل الدورة الاقتصادية

بكلمات بسيطة، يمكننا القول أن الحياة الاقتصادية للدول لا تتصف بالثبات الدائم على حال معين. فالحياة الاقتصادية تسير بحركة دائرية تتأرجح بين فترات ازدهار ونمو، وفترات انكماش وكساد، قبل أن تعاود النمو مرة أخرى. وعلى الرغم من وجود العديد من النظريات التي تحاول شرح أسباب الدورة الاقتصادية إلا أنها تجمع بمعظمها على تقسيم الدورات الاقتصادية إلى أربع مراحل رئيسية  فلنتعرف عليها:

مراحل الدورة الاقتصادية
مراحل الدورة الاقتصادية

مرحلة النمو  Expansion

تتسم مرحلة التوسع أو النمو، بسمات منها انخفاض سعر الفائدة، وهو ما يسهل على المستهلكين والشركات اقتراض الأموال وتوظيفها في استثمارات جديدة. كما تتميز هذه المرحلة بتزايد الطلب على السلع الاستهلاكية بسبب ارتفاع مستوى الدخل. مما يدفع الشركات لزيادة الإنتاج لتلبية هذا الطلب، وهو ما يتطلب زيادة العمالة لديها وارتفاع الرواتب والأجور، أو الاستثمار لتوسيع بنيتها التحتية المادية وعملياتها.

ويكون لمجموع هذه العوامل دورٌ في نمو الناتج المحلي الإجمالي، وبالنسبة للشركات ترتفع أسعار الأسهم مما يمهد لجني الأرباح، وعندها يكون الاقتصاد متأهبا للدخول في مرحلة الذروة.

اقرأ أيضا: 5 نصائح للاستثمار أثناء الركود العالمي

 مرحلة الذروة Peak

عندما تصل الدورة الاقتصادية إلى مرحلة الذروة، يكون الاقتصاد قد بلغ أقصى معدل للنمو من الممكن أن يصل إليه. فتبدأ الضغوطات على الاقتصاد بالازدياد فقد تصبح الشركات عاجزة عن رفع الإنتاج إلى مستويات أعلى لزيادة المعروض من السلع لمواكبة الطلب المتزايد على هذه السلع من قبل المستهلكين فتقوم بعض الشركات في هذه الحالة بزيادة الاستثمار لرفع الطاقة الإنتاجية.

ويترتب على ذلك، ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب ارتفاع مستلزمات التشغيل كالرواتب والأجور على سبيل المثال، فتقوم الشركات بعكس ارتفاع التكاليف إلى زيادة في الأسعار، وهو ما يتسبب بحدوث بعض الاضطرابات في الحياة الاقتصادية. وتكون الأسعار ومستويات الإنتاج قد وصلت إلى أقصى حد ممكن. لتبدأ المؤشرات بالانعكاس والاتجاه هبوطا معلنة نهاية هذه المرحلة.

النمو في ذروة الدورة الاقتصادية
النمو في ذروة الدورة الاقتصادية

مرحلة الانكماش Contraction

في هذه المرحلة يبدأ النشاط الاقتصادي بالتراجع وتتغير العادات الشرائية للمستهلكين فيتراجع الإنفاق على السلع الكمالية، ونتيجة لذلك يبدأ الإنتاج بالتباطؤ بسبب انخفاض الطلب، مما ينعكس على  انخفاض أرباح الشركات وكنتيجة مباشرة لذلك، تنخفض الرواتب والأجور وتقوم الشركات بالاستغناء عن جزء من العمالة، مما يؤدي إلى اتفاع معدلات البطالة. وهو ما ينعكس على أسواق الأسهم، حيث يتجه المستثمرون إلى الاستثمار في أصول أكثر أمنًا. وتقود هذه العوامل مجتمعةً للاتجاه إلى مرحلة القاع.

مرحلة القاع Trough

وتتميز هذه الفترة بالمعدلات العالية للبطالة والركود الاقتصادي وانخفاض المعدلات الاقتصادية، فيتراجع الإنتاج بسبب تراجع الإنفاق والاستثمار، بسبب التردد في القيام بالمشروعات والاستثمارات الجديدة. وتزداد معدلات البطالة مما يؤدي إلى تزايد عدد الأشخاص الذين يفقدون وظائفهم، وبالتالي انخفاض الإنفاق وزيادة الضغوط الاجتماعية.

وعندما تجتمع هذه المؤشرات، تكون الدورة الاقتصادية قد وصلت إلى أدنى مرحلة ممكنة. عندها تكون أسعار السلع قد بلغت أدنى مستوياتها. ومع استمرار إحجام المستهلكين عن الإنفاق على شراء السلع، يترتب على ذلك زيادة المعروض كنتيجة لانخفاض الشراء. مما يؤدي إلى ركود في الأسواق وتحمل الشركات لخسائر إضافية. وعند هذه النقطة، تنتهي هذه المرحلة وتبدأ دورة اقتصادية جديدة.

تزداد البطالة في مرحلة الانكماش
تزداد البطالة في مرحلة الانكماش

اقرأ أيضاً: عدم خوف المستثمرين من التضخم وضخ الأموال في السندات والأسهم

ماهي العوامل التي تؤثر في مراحل الدورة الاقتصادية؟

يتأثر طول كل مرحلة في الدورة الاقتصادية بتفاعل مجموعة من العوامل وتداخلها مع بعضها، وقد تختلف مدة كل مرحلة بشكل كبير بين دورة وأخرى وبين اقتصاد وآخر، ويعتبر توقع طول كل مرحلة في الدورة الاقتصادية من التحديات الكبيرة التي تواجه المنظمات والحكومات والمستثمرين في جميع أنحاء العالم.، ومن أهم هذه العوامل مايلي:

السياسات الحكومية

تؤثر السياسات التي تنتهجها الحكومات في مدة كل مرحلة في الدورة الاقتصادية، وخاصة السياسات النقدية والمالية والضريبية التي تتبعها الحكومات. فعندما تزيد الحكومات من الإنفاق العام، يزداد الطلب على المنتجات والخدمات، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاج والوظائف والنمو الاقتصادي، بمعنى انه بالإمكان استخدام هذه السياسات للحد من التذبذب والتباين في المؤشرات الاقتصادية وتحفيز النمو الاقتصادي.

العوامل الداخلية

تؤثر العوامل الداخلية للاقتصاد مثل الاستثمارات خلال الفترة والإنفاق الاستهلاكي للمجمتع على مختلف السلع ومستويات الإنتاج على مدة كل مرحلة في الدورة الاقتصادية، حيث يزيد مجموع هذه العوامل من استمرارية فترة النمو ويساعد في التقليل من فترة الانكماش.

العوامل الخارجية

هناك محموعة من العومل الخارجة عن إرادة الحكومات والتي تسمى العومل الخارجية، ومن هذه العوامل تغيرات أسعار النفط وأسعار الصرف والتجارة الدولية، وتؤدي هذه العومل إلى الزيادة في التذبذب الاقتصادي مما يجعل من الصعوبة التنبؤ بالمرحلة المقبلة.

العوامل الاجتماعية والتطور التكنولوجي

إن للعوامل التكنولوجية تأثيرها على مراحل الدورة الاقتصادية حيث من الممكن أن يؤدي التطور التكنولوجي من زيادة معدلات إنتاجية العمال وخفض التكاليف وتحسين الجودة، في حين أن العوامل الاجتماعية مثل الثقة والتفاؤل من الممكن أن تجعل الفترة التي تستمر فيها مرحلة النمو أطول وتقلل من فترة مرحلة الانكماش.

اقرأ أيضا: البرلمان الأوروبي يمرر أول قانون عالمي لتنظيم تداول العملات الرقمية ومكافحة عمليات الاحتيال المتعلقة بها

ما هي مدة الدورة الاقتصادية؟

بالمنطق العام لا يمكن تحديد المدة الزمنية التي ستستمر فيها دورة اقتصادية معينة سواء كانت فترات توسع وازدهار، أو فترات تراجع و انكماش، ومما يصعّب التنبؤ، هو الاختلاف في طول الدورات الاقتصادية. حيث شهد العالم من عام 1857 الى عام 2020 دورات من الذروة إلى القاع لفترات تتراوح من شهرين الى 65 شهرا وفقا للمكتب الوطني للبحوث الاقتصادية (NBER). وعلى الرغم من ذلك قد تستمر الدورة لفترات أطول تتراوح بين 4-10 سنوات.

وذهبت بعض الدراسات إلى تقسيم الدورات الاقتصادية بناء على مدتها الزمنية إلى دورات قصيرة، أو متوسطة، أو طويلة الأجل. وقد تؤثر عوامل إضافية في مدة الدورة الاقتصادية كالتقلبات الموسمية، أو التقلبات التي أصابت الأسواق بسبب أزمة جائحة كورونا، التي تسبب بتأثر الإمدادت بين البلدان مما سبب تدني الإنتاج.

الأسئلة الشاثعة حول الدورة الاقتصادية

ما هو مفهوم الدورة الاقتصادية؟

الدورة الاقتصادية هي سلسلة من التغيرات الاقتصادية التي تحدث بشكل دوري ومتكرر في الاقتصاد، وتتضمن فترات من النمو الاقتصادي وفترات من الركود الاقتصادي. وتتأثر الدورة الاقتصادية بالعديد من العوامل، بما في ذلك الإنفاق، والإنتاج، والاستثمار، والتضخم، والفائدة، والعرض، والطلب، والتكنولوجيا، والحكومة، والسياسات الاقتصادية.

ويتم تقسيمها بشكل أساسي إلى أربع مراحل رئيسية، هي مرحلة النمو ومرحلة الذروة ومرحلة الانكماش ومرحلة القاع. وتساعد قراءة المؤشرات الاقتصادية شركات الإنتاج والمستثمرين لمعرفة الدورة الاقتصادية الحالية وإعداد السياسات التي سوف تنتهجها خلال هذه الفترة أو التحضير للدورات القادمة.

كيف يمكن تقسيم الدورة الاقتصادية؟

هناك عدة مؤشرات تحدد سمة المرحلة الحالية، كالناتج المحلي الإجمالي، ومستوى الاستثمار، وأسعار السلع والخدمات، متوسط الرواتب والأجور، ومستوى البطالة. وبناء على قيم هذه المتغيرات يتم تقسيم الدورة الاقتصادية إلى أربع مراحل أساسية هي: مرحلة النمو أو الازدهار، مرحلة الذروة، مرحلة التراجع أو الانكماش، ومرحلة القاع.

اقرأ أيضا: الإمارات العربية المتحدة تقدم إعفاءات ضريبية لشركات النفع العام (تفاصيل)

ما هو دور الدولة في الدورة الاقتصادية؟

قد تقوم الحكومات خلال الدورة الاقتصادية بانتهاج سياسات معينة لمحاولة السيطرة على الوضع الاقتصادي القائم او إعداد المؤن اللازمة والتحضير للدورات العكسية في حال حصولها، ومن الأمور التي قد تلجأ اليها الدولة في مرحلة الازدهار، القيام باتباع سياسات نقدية انكماشية عن طريق رفع أسعار الفائدة وفرض ضرائب دخل تصاعدية وتشجيع الأفراد إلى الانضمام إليها.

مما يؤدي لزيادة ايرادات الدولة واستثمار فائض الميزانية وتشغيله، فينتج عن ذلك كتلة نقدية يمكن استخدامها خلال مرحلة الانكماش. وعلى النقيض من ذلك، خلال مرحلة الانكماش تلجأ الحكومات إلى خفض أسعار الفائدة لتشجيع الإنفاق وزيادة برامج الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية.

كيف يؤثر الركود على الدورة الاقتصادية؟

الركود هي الحالة التي يتراجع فيها نمو الناتج المحلي الإجمالي لفترة طويلة وتزداد فيها معدلات البطالة وتنخفض فيها مستويات الإنفاق والاستثمار. ويؤثر الركود على الدورة الاقتصادية بالشكل التالي:

يتراجع الإنفاق في الركود بسبب تراجع الدخل وزيادة معدلات البطالة، مما يؤدي إلى انخفاض المبيعات والإنتاج ويتسبب في تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي. وتتراجع الاستثمارات في الركود بسبب التردد في القيام بالمشروعات والاستثمارات الجديدة، ويؤدي ذلك إلى تراجع النمو الاقتصادي.

ويتزايد عدد الأشخاص الذين يفقدون وظائفهم في حالة الركود، وهذا يؤدي إلى انخفاض الإنفاق وزيادة الضغوط الاجتماعية. وبالتالي تتأثر الإنتاجية في حالة الركود بسبب انخفاض الإنفاق والاستثمار مما يؤدي إلى انخفاض معدلات الإنتاج، ويكون مجموع هذه العوامل سببًا في تراجع الرفاهية في المجتمع بسبب انخفاض الدخل.

اقرأ أيضا: البيتكوين تصل أدنى مستوياتها فيما يعرف بالمستوى المنطقي.. وما هي توقعات تحركاتها القادمة؟

مالفرق بين الركود والكساد؟

يكون أثر الكساد على النشاط الاقتصادي أكثر وضوحا وأكثر حدة من الركود، فنستطيع التعبير عن الكساد بأنه ركود اقتصادي شديد. وقد تمتد فترة الركود لسنوات وليس مجرد أشهر، فينخفض الناتج المحلي الإجمالي انخفاضًا شديدًا، وترتفع معدلات البطالة الى مستويات قياسية فيصبح من الصعوبة الحصول على وظيفة حتى.

ويكون تأثير الكساد أكثر شمولية من الركود، فقد يمتد تأثير الكساد إلى الاقتصاد العالمي بينما يقتصر تأثير الركود على بلد معين أو جغرافيا معينة. ويتم تحديد حالة الكساد أو الركود بناءً على عدة عوامل، مثل معدلات النمو الاقتصادي ومستوى الإنتاجية ومعدلات البطالة ومعدلات التضخم والاستثمار والإنفاق الحكومي والخاص.

وأخيرًا، وبما أن الاقتصاد أساس قيام الدول، نرجو أن نكون قد نقلنا صورة واضحة عن الدورة الاقتصادية التي لا بد للدول جميعًا المرور بمراحلها.

WordPress Ads