آخر الأخبار

الرئيسيةالاقتصاد العالميالركود التضخمي: ما هو ولماذا يعتبر أسوأ الكوابيس الاقتصادية لأي دولة؟

الركود التضخمي: ما هو ولماذا يعتبر أسوأ الكوابيس الاقتصادية لأي دولة؟

الركود التضخمي هو حالة تم استبعاد حدوثها من قِبل الاقتصاديين لوقت طويل. وفي الحقيقة عند إلقاء النظرة الأولى يبدو ذلك منطقيًا جدًا، فمن منطق الاقتصاد ألا يمكن أن ترتفع الأسعار عندما لا يملك الناس الأموال لإنفاقها.

ولأن النظرية شيء والواقع شيءٌ آخر، جاءت فترة السبعينيات لترينا أن ذلك المستبعد قد حدث بالفعل! سنتحدث في هذا المقال عن مفهوم الركود التضخمي، ولماذا يحدث وكيف يمكن التعامل معه ولماذا نستطيع اعتبار الركود التضخمي حالة بالغة السوء؟

تعرّف على جميع الأمراض التي يمكن أن تصيب الاقتصاد

تتنوع الأمراض التي قد تصيب الاقتصاد وتتسبب بتدهوره حالته مثل التضخم والركود والركود التضخمي والانكماش والكساد. ولكل من هذه الأمراض أسبابه وطرق علاجه وأساليب يمكنك كمستثمر اتباعها للتصرف في حال وقوعه.

لذلك جمعنا لكم في مقال “هل سمعت بمصطلح أمراض الاقتصاد؟ ما هي ولماذا تحدث وكيفية تجنبها” هذه الأمراض، مع مناقشة عملية لكل مرض منها لكي تمتلك الفهم الكامل لكل حالة من الحالات.

ماذا يعني الركود التضخمي؟

هو مفهوم يصف تراجع النمو الاقتصادي المرافق مع ارتفاع معدل التضخم، وتحدث عندما يصبح الطلب على السلع والخدمات أكبر من المعروض المتاح.

تم استخدام المصطلح للمرة الأولى من قبل السياسي البريطاني إيان ماكلويد Iain Macleod في خطاب ألقاه في العام 1965.

حدث للمرة الأولى في بداية السبعينيات من القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية ثم حدث فيها مرة أخرى في الثمانينيات من القرن نفسه.

اقرأ أيضًا: التضخم أم الركود: أيهما أسوأ للمستثمرين؟

مفهوم الركود التضخمي
مفهوم الركود التضخمي

كيف كان المشهد الإقتصادي الأمريكي في فترة السبعينيات؟

ازداد العجز في الميزانية الفيدرالية الأمريكية في بداية السبعينيات وذلك بعد أن فرض الرئيس نيكسون قيودًا على الأسعار والأجور وكان ذلك في 15 أغسطس من العام 1971.

بعد ذلك بدأ الإنفاق العسكري في حرب فيتنام، أضف إليه الإنفاق على (برامج الإنفاق الاجتماعي) التي جاءت لمكافحة الفقر.

لكن ما حدث هو العكس، حيث ارتفعت معدلات البطالة بشكل كبير، وقد بلغ معدل البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1975 نحو 9٪ وهو ما جعل الاقتصادي آرثر أوكون  Arthur M. Okun  مؤشرًا خاصّا لقياس آثار الركود التضخمي على الأفراد. وهو مؤشر البؤس والذي يعبر عن الضائقة المالية التي يعاني منها الناس بسبب مخاطر البطالة وارتفاع تكاليف المعيشة سويًا.

ثم جاء ارتفاع أسعار النفط لثلاث مرات متتالية نتيجة للحظر العربي على النفط، مما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق بأسعار الطاقة، ويذكر التاريخ أن سعر خام غرب تكساس الوسيط وصل إلى 100 دولار للبرميل الواحد في عام 1979..

ارتفاع أسعار الطاقة بدوره أدخل البلاد في دوامة من ارتفاع الأسعار وأسعار تكلفة الأجور وذلك أدى إلى فترات ركود ترافقت مع ارتفاع معدلات البطالة.

حاول البنك الفيدرالي جاهدًا حل هذه المعضلة، لكنه لم يكن موفقًا حيث ركز على دعم النمو فيما كان عاجزًا عن ترويض الأسعار المرتفعة..

في الواقع، لم يؤثر الركود التضخمي على الولايات المتحدة الأمريكية فحسب، بل انتشر في 7 نظم اقتصادية رئيسية عالمية.

هدأت حدة الركود التضخمي نسبيًا بعد ذلك لتعاود الظهور مجددًا لأسباب عديدة منها استمرار إرتفاع أسعار الطاقة فيما عرف بعد ذلك بفترة التضخم العظيم وهي الفترة الممتدة بين (1965-1982).

اقرأ أيضًا: هل سيتكرر في عصرنا؟ تعرّف على الكساد الاقتصادي وكيفية تجنبه

الركود التضخمي في سبعينيات القرن الماضي
الركود التضخمي في سبعينيات القرن الماضي

هل حدث الركود التضخمي في عصرنا؟

في بودكاست سابق للبنك الدولي، تحدثت مدير مجموعة آفاق البنك الدولي فرانشيسكا أونسورجي Franziska Ohnsorge عن أشد تباطؤ اقتصادي دولي منذ 80 عامًا، وقد حدث بالفعل في العام 2022 وزاد من حدة الوضع حينها وجود عدة أسباب من بينها الحرب الروسية على أوكرانيا بالإضافة إلى انتشار جائحة كورونا Covid-19.

فقد سجل النمو العالمي 2،9٪ في عام 2022 مقابل 5،7٪ في عام 2021 في الاقتصادات المتقدمة.

وعليه اعتبرت أونسورجي أن الحال كان مشابهًا إلى حد كبير لما حدث في السبعينيات ولكن مع اختلاف في الأسباب.

إلا أن العديد من البنوك المركزية استطاعت مواجهة تلك الظروف الاقتصادية عبر زيادة أسعار الفوائد، فيما استطاعت الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية الحفاظ على معدلات البطالة ضمن النسب الطبيعية.

لماذا كان يعتقد أنه من المستحيل حدوث الركود التضخمي؟

في الواقع، استبعدت جميع النظريات الاقتصادية التي كانت مهيمنة في الأوساط الأكاديمية والسياسية في القرن العشرين نموذج الركود التضخمي.

وذلك لأن التجارب عبر التاريخ كانت قد أثبتت أن ارتفاع معدل البطالة يؤدي إلى رخص اليد العاملة وبالتالي سينعكس ذلك على الأسعار ويؤدي إلى تضخم منخفض والعكس صحيح وهذا ما يشير إليه منحنى فيليبس، وهو منحنى يصف العلاقة بين البطالة ومعدل التضخم ويوضح أنها علاقة عكسية.

منحنى فيليبس
منحنى فيليبس philips curve

 

ما هي أسباب الركود التضخمي؟

في الواقع، لا يمكن القول أن هنالك أسباب واضحة للركود التضخمي، حيث يختلف الأمر من حالة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر.

هنالك نظرية تتحدث عن أن الصدمة في أسعار الطاقة هي السبب الرئيسي، حيث يحدث الركود التضخمي عندما تُخفّض الزيادة المفاجئة في أسعار النفط القدرة الإنتاجية والنمو الاقتصادي، وهو ما حدث فعليًا في أزمة السبعينيات.

لكن في المقابل، يشير بعض الاقتصاديين إلى أن هذه النظرية غير صحيحة، حيث ينتقدون ما جاء فيها بوصفها تتحدث عن حالة خاصة فقط وبالتالي لا يمكن تعميمها على الحالات الأخرى.

في الواقع، أثبتت التجارب التاريخية أن الحكومة من الممكن أن تتسبب في الركود التضخمي في حال سلوكها لسياسات تضر بالصناعة بالتزامن مع زيادة المعروض النقدي بسرعة كبيرة.

وفي المحصلة، نستطيع ذكر بعض الأسباب العامة التي من المرجح أن تكون وراء حدوث الركود التضخمي:

  1. تقلبات الأسعار العالمية.
  2. زيادة الإنفاق الحكومي.
  3. زيادة الإقراض المصرفي وتضخم العرض النقدي.
  4. عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي.
  5. تغيرات في سياسات الحكومة المالية والنقدية.

لماذا يعتبر الركود التضخمي حالة اقتصادية بالغة السوء؟

نستطيع اعتبار الركود التضخمي حالة اقتصادية بالغة السوء لأن أي محاولة لتصحيح أحد العوامل من الممكن أن يؤدي إلى تفاقم خطورة عامل آخر.

فنحن أمام حالة تجتمع فيها ثلاثة عوامل بالغة التعقيد وهي:

  • تباطؤ النمو الاقتصادي.
  • ارتفاع معدلات البطالة.
  • ارتفاع أسعار السلع والخدمات.

يميل المستهلك إلى تعديل سلوكه الاستهلاكي مع ارتفاع الأسعار، وذلك سيؤدي إلى المزيد من ارتفاع الأسعار نتيجة السياسة التوسعية النقدية، مع ملاحظة أنه لن يحدث أي انخفاض في مستويات البطالة المقابلة.

وبالتالي فإن أي محاولة لتحفيز الاقتصاد في ظل ركوده يمكن أن تؤدي إلى المزيد من تضخم الأسعار.

وفي ظل تجارب العالم السابقة مع الركود التضخمي، عمد صانعو السياسة الاقتصادية إلى علاج البطالة تاركين التضخم يصل إلى مستويات كارثية.

اقرأ أيضًا: أفضل استثمار وقت التضخم: 3 أنواع هي الأفضل

الركود التضخمي
لماذا يعتبر الركود التضخمي حالة اقتصادية بالغة السوء؟

ما هو علاج الركود التضخمي؟

في الواقع، لا يوجد علاج نهائي للركود التضخمي، ولكن من المهم دعم الإنتاجية لتصل إلى النقطة التي تؤدي فيها إلى نمو اقتصادي أعلى دون تضخم إضافي.

وهنالك بعض الإجراءات التي تنجح في ذلك وهي:

  1. تحسين السياسات الاقتصادية.
  2. تعزيز الاستثمارات في البنية التحتية.
  3. إدارة الإنفاق الحكومي.
  4. التحكم في المعروض النقدي.
  5. تشجيع التكنولوجيا والمشاريع الريادية.
  6. التعاون الدولي.

تحسين السياسات الاقتصادية

وذلك يشمل السياسات المالية والنقدية ونظام الضرائب. بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار والإنتاج وكل ذلك يؤدي إلى تحفيز النمو الاقتصادي وخفض التضخم.

تعزيز الاستثمارات في البنية التحتية

وذلك يعني تطوير الجسور والمطارات والموانئ البحرية والطرق البرية. مما يؤدي إلى زيادة فرص العمل وتعزيز الإنتاجية ورفع مستوى الرفاه لدى المواطنين.

إدارة الإنفاق الحكومي

من خلال التركيز على الإصلاحات الحكومية ومحاربة الفساد وذلك لتخفيض التضخم.

الركود التضخمي
الركود التضخمي

التحكم في المعروض النقدي

وذلك من مسؤوليات البنوك المركزية التي يجب عليها التحكم في المعروض النقدي وأسعار الفوائد على الودائع المصرفية والقروض.

as empresas financiam dinheiro e calculadora de conceito de contabilidade e moeda 483511 2165

تشجيع التكنولوجيا والمشاريع الريادية

ودعم الابتكار والمشاريع الصغيرة والمتوسطة لإيجاد فرص عمل جديدة وتعزيز النمو الاقتصادي.

تشجيع التكنولوجيا والمشاريع الريادية لمواجهة الركود التضخمي
تشجيع التكنولوجيا والمشاريع الريادية لمواجهة الركود التضخمي

التعاون الدولي

إن تعاون الدول في إدارة الأزمات الاقتصادية ومن بينها الركود التضخمي يساهم في تبادل الخبرات والتجارب والمعلومات لتحديد السياسات الاقتصادية المناسبة وتجنب الخاطئة منها.

الأسئلة الشائعة حول الركود التضخمي

كيف تنجو من الركود التضخمي؟

يمكنك اتخاذ عدة إجراءات لتستطيع مواجهة أي ركود تضخمي محتمل مثل:

  1. الابتعاد عن الإنفاق الاستهلاكي الزائد: عن طريق تحديد الأولويات المالية وعدم هدر الأموال في أشياء يمكن الاستغناء عنها.
  2. توفير الأموال: نصيحة قديمة متجددة، فلا يمكن التغاضي عن أهمية توفير الأموال للتعامل مع أي مصاعب مالية من الممكن أن تواجهك في المستقبل، ولذلك عليك الحرص على توفير أموال تكفي لتغطية الحاجات الأساسية لمدة 6 أشهر على الأقل.
  3. تنويع الاستثمارات في المنتجات المالية: خاصة تلك التي تحقق عوائد جيدة وتحافظ على قيمة رأس المال.
  4. اختيار شركات التداول المزدهرة ضمن سوق الأسهم: والتي تساعدك في تحقيق أرباح جيدة وتستطيع وضع ثقتك فيها للحفاظ على رأس مالك.
  5. التخطيط المالي: لا يمكن تجاهل أهمية التخطيط المالي في مواجهة حالات الطوارئ، بالإضافة إلى التركيز على تحقيق الأهداف بشكل مستدام.
  6. الحصول على الاستشارة المالية: من الخبراء الماليين وذلك لمساعدتك في اتخاذ قرارات مالية صائبة.
  7. حافظ على عملك: في أوقات الركود التضخمي تقل فرصك في الحصول على عمل، ولذلك فمن الأهمية بمكان الحفاظ على وظيفتك للحفاظ على استقرار مصدر الدخل.

ماذا يحدث بعد الركود التضخمي؟

في الواقع، بعد دخول مرحلة الركود التضخمي تبدأ مستويات البطالة بالارتفاع فيما تنخفض أسعار الأصول وينخفض معها إنفاق الأفراد، فتتأثر الشركات بذلك وقد نشهد العديد من حالات إشهار الإفلاس. بالإضافة إلى ازدياد الدين العام وارتفاع أسعار الفوائد وذلك في محاولة لمجابهة الوضع الاقتصادي الدقيق.

ما معنى الركود التضخمي بالانجليزي؟

Economic Stagflation هو مصطلح يتحدث عن فترة يتزامن فيها النمو الاقتصادي البطيء والبطالة وارتفاع معدل التضخم.

هل يمكن القول أن التضخم هو نفسه الركود التضخمي؟

نعم، نستطيع القول أن التضخم هو جزء من الركود التضخمي لأنه عندما يحدث يؤدي إلى تراجع في الإنفاق الاستهلاكي والذي هو جزء من الركود التضخمي، بالإضافة إلى كون التضخم حدث مستقل في حد ذاته وقد يحدث لوحده.

وبذلك نكون قد تحدثنا عن الركود التضخمي، وفي النهاية نستطيع القول أن تكرار الركود التضخمي بنفس الطريقة التي حدث فيها في الماضي في أيامنا الحالية أمرًا مستبعدًا، وذلك بسبب تحديث الرؤى والنظريات الاقتصادية واتخاذ أصحاب القرار الاقتصادي والسياسي في الدول المتقدمة للإجراءات المناسبة في كل مرة قبل خروج الأمور عن السيطرة.

WordPress Ads